فالعمل التطوعي يبرز كوسيلة لاستثمار الخبرات والمهارات التي اكتسبوها على مر السنين، ومن خلاله يتحول المتقاعدون إلى قوة إيجابية تعمل على دعم المجتمع، وتعزيز شعورهم بالانتماء وتحقيق الذات.
وتقول فوزية كتاني من باقة الغربية معلمة ومستشارة متقاعدة وصاحبة مشروع "عادت حليمة لخزانتها القديمة "، وهي تتطوع أيضا في مختلف الأطر بعد تقاعدها، تقول في حديث أدلت به لموقع بانيت وقناة هلا حول عملها التطوعي: "العمل التطوعي بعد التقاعد هو في الحقيقة امتداد لتجربة تطوعية سابقة، فهو ليس مجرد قرار تطوع بعد التقاعد، بل هو استمرار لمسار حياتي، كان جزءًا من شخصيتي وقيمي التي أؤمن بها. لم يكن غريبًا عليّ أن أتفرغ أكثر للتطوع بعد التقاعد، خاصةً أن لديّ الآن وقت أكبر للتفرغ لهذا المجال الذي أصبح جزءًا من حياتي".
ومضت قائلة: "عندما يختار الشخص التطوع، فإنه يدخل إلى عالم جديد، يتعامل مع فئات وأفراد لم يكن يعرفهم من قبل. هذه التجربة تمنح المتطوع معرفة جديدة وتضعه أمام تحديات مثل التأقلم مع بيئات وأشخاص جدد، فضلاً عن التعامل مع توقعات التقدير أو عدمه، وهي أمور تعد تحديات أساسية يواجهها المتطوع".
"اكتسبت خبرة كبيرة في هذا المجال"
وتابعت قائلة لموقع بانيت وقناة هلا: "كوني جئت من مجال التربية والتعليم، كان من الطبيعي أن أوجه تطوعي في هذا الاتجاه، حيث اكتسبت خبرة كبيرة في هذا المجال وأصبح لديّ القدرة على نقل المعرفة، سواء كانت تتعلق بالتراث أو الأمور المجتمعية أو حتى الاستشارات التربوية. ورغم أنني كنت أتمنى أن يكون المجال أوسع في مراحل سابقة، مثل مساعدة كبار السن أو الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أن هذه الفكرة ما زالت قائمة عندي ولم تكتمل بعد. كما أنني أشارك في مجال آخر من التطوع، وهو جمع التبرعات من أجل دعم العائلات المحتاجة، سواء كانت مالية أو لتوفير أضاحي في الأعياد والمناسبات".
"التطوع يمنح الشخص الإحساس بأنه ما زال قادرًا على العطاء"
وأشارت فوزية كتاني الى "أن التطوع في مرحلة ما بعد التقاعد يكون بمثابة البديل للعمل اليومي الذي كان يشغل وقت الشخص. عندما يتقاعد الإنسان، يشعر غالبًا بفراغ، هنا يأتي دور التطوع ليمنح الشخص الإحساس بأنه ما زال قادرًا على العطاء. التطوع لا يقتصر فقط على الأشخاص الذين عملوا بشكل رسمي أو يومي، بل يشمل أيضًا الأمهات اللواتي قد يشعرن في مرحلة معينة أنهن لم يعد لهن دور مؤثر. التطوع هنا يمنحهن الفرصة ليشعرن أنهن ما زلن قادرات على العطاء ولديهن دور في المجتمع".
وأوضحت فوزية كتاني "أن فوائد التطوع بعد التقاعد كبيرة، فهو يوفر للشخص فرصة لتعلم أشياء جديدة بعيدًا عن الالتزامات اليومية. الشخص المتطوع يحصل على وقت أكبر للتعلم والتطور، خاصةً وأنه يمتلك خبرات حياة أكبر، يمكنه توظيفها لاكتساب مهارات جديدة بطريقة أكثر حكمة. التطوع هو عملية متواصلة من العطاء والتعلم، حيث يلتقي المتطوع مع مجموعات جديدة، ويكتسب تجارب جديدة تساعده على النمو الشخصي والمهني. التعلم في التطوع لا يقتصر على الورقة والقلم، بل يشمل التفاعل مع الآخرين، والتعامل مع مواقف جديدة، مما يعزز مهارات الشخص وقدرته على العطاء والتطوير".