logo

سامحيني يا صديقتي - قصّة للأطفال بقلم : زهير دعيم

موقع بانيت وصحيفة بانوراما
28-12-2024 21:20:01 اخر تحديث: 29-12-2024 21:24:04

على احدى الرّوابي الخضراء الناضرة ، نمت زنبقةٌ جميلةٌ تألّقت بألوانها، وزهت بطلّتها ، وتباهت بعطرها الشّذيّ الفوّاح . كانت سعيدة بكلّ ما حولها ، راضيةً بحظّها وحياتِها ، إلا أنها لم تحبّ ولم ترتحْ لغيمةٍ

زهير دعيم - صورة شخصية

رماديّةٍ كانت تمرّ فوقها في كلّ يوم .

فقد كانت تتذمّر قائلة :

 لماذا هذه الغيمة تُعكّرُ صفوَ السّماءِ وتجعلُ كلَّ شيء يظهر باهتًا ؟!

وكانت الغيمة الرّمادية تسمعها وتهزّ برأسها قائلة :

" سامحك الله " .

وفي صباح أحد الأيام الربيعيّة ، اختفت فجأة الغيمة الرّمادية ، واختفت معها اخواتها الغيوم السوداء لأيام عديدة ، وارتفعت درجات الحرارة وجفّت التربة ، وعطشت الزنبقة الجميلة كما عطشت غيرها من ازهار الرابية .

فرفعت الزنبقة عينيها نحو السّماء متضرّعة :

 أرجوك يا ربّ ابعث لنا بالمطر .

 وفي اليوم التّالي اجتمعت الغيوم فوق الرابية ، وبدأ المطرُ يهطلُ ويسقي الشجر والبشر .

 فرحتِ الزنبقةُ العطشى بالماء العذب ، وهو يروي جذورها ويزرع الخُضرة في أوراقها وأغصانها . وفجأة سمعت صوتًا هامسًا يأتيها من فوق من العلا ؛ صوتًا يقول :

 كم أنا سعيدة لأنّني استطيع مساعدتك ايّتها الزنبقة الجميلة.

 فرفعتِ الزنبقةُ رأسَها الى فوق ،فإذا بها ترى الغيمةَ الرّماديةَ تحكي معها والبسمة تُزيّن فمها.

    شعرتِ الزنبقةُ بالخجل وقالت :

"أنا آسفة يا صديقتي لأنني لم أفهم قيمتكِ من قبل. لقد ظلمتُكِ، فقد ظننتُ أنكِ مجرد غيمة رمادية لا ماء فيها ، لكن ظهرَ لي الآن انّك سبب الحياة في هذه التلال .

 ابتسمتِ الغيمةُ الرّماديّة قائلةً : لا بأس يا صديقتي ، انّ التّسامح هو أجمل ما نُقدّمه بعضنا لبعض.

فردّتِ الزنبقة وابتسامة الخجل تلوّن وجهها وقالت : صدقتِ يا صديقتي ، لقد ظلمتك .. سامحيني ، أنتِ تاجٌ فوق رأسي ورؤوس كلّ اخوتي واخواتي الازهار والرّياحين والأعشاب .. أنتِ ينبوعُ الحياة .

   ومنذ ذلك اليوم أضحت الغيمةُ الرّماديّةُ والزنبقةُ صديقتيْنِ حميمتيْنِ .