مقال: ‘حتى نلتقي .. مطر وشوك‘ - بقلم : يوسف أبو جعفر
انقطاع المطر هذا العام غريب بعض الشيء، سبق في الماضي أن انقطعت الأمطار ولكن هذه المره دفء الشتاء غريب، حتى أيام الأربعينية المعروفة دافئة وبين المتشائمين والمتفائلين هناك اختلاف كبير،
يوسف أبو جعفر
ذلك الذي يأخذ برأي الدين أن فساد الناس وأخلاقهم وغياب العدل سبب لانقطاع الأمطار والذي يعول ذلك على التغيير المناخي للعالم فطبقًا للتقارير الرسمية التغيير المناخي سيؤدي إلى ازدياد حدة الأمطار وكمياتها الكبيرة ولكن في زمن محدود، لذلك هناك طواقم تعمل على تجهيز كثير من المدن للتغير الحراري المتوقع.
أنا شخصيًا اعتقد أن انحباس المطر مرهون بالأمرين فقيمنا تغيرت وكذلك المناخ يتغير في سنن الكون، التصحر يزداد والتدخل البشري أصبح فوق المتوقع لذلك عندي يقين أن الله سيفرح قلوبنا بربيع مبارك هذا العام.
أحب المطر عندما يتساقط على الأرض اليابسة، في الزخات الأولى دائمًا أشمُ رائحة الأرض وهي تبتهج بملامسة قطرات الماء، فقطرة تبخرت من النيل وأخرى من شجرة في سفاري تنزانيا ومن ثلوج كليمنجارو ورابعة من سهول مونتانا وهكذا تجمعت كلها من أصول مختلفة لتصبح ماءً ينزل من السماء، كم اشتاق ذكريات دروس الطبيعة ودورة المياه في الطبيعة، المهم أنها كلها تجتمع لغرض واحد لتهب الحياة.
في الماضي كنا نستمع صوت المطر على الصفيح، موسيقاه تبعث الأمل في كثير من الأمور في حياتنا البدائية، المطر كان موسيقى الحياة، صحيح من الممكن أن نتغيب عن الدراسة، أن لا نخرج للمرعى وتبقى الأغنام في البيت، أن نحظى بالدفء حول الموقد. ولكن تلك الموسيقى كان يصاحبها ارتطام المياه بالأرض فتقفز حبات المطر عالية من جديد لشدة المطر، مبدعة راسمة صور كثيرة كنا نراها كعصفور أو صوص صغير يفتح فاه، كانت تلك صيصان المطر، صيصان الخير.
لا ادري كم كنا سنكره المطر لو جاء في الصيف ( رغم أنه يحدث في كثير من الاماكن في العالم) في بلادنا الصيف بدون امطار، والشتاء عريسه المطر، ولذلك حضورك في الوقت المناسب له وزنه، مطرنا قد يأتي متاخرًا ولكنه سيأتي، الخير قد يتأخر ولكنه من المؤكد سوف يأتي ونحن كبشر اصبحنا مثل المطر نتأخر عام بعد عام، قد يزداد في عام وينقص في عام آخر، لكنه يأتي وعندها يصبح جميلًا، يعيد الحب للأرض، يملأها ضجيجًا وصخبًا ويجعل من الأجساد أرواحًا تتعانق دون كلمات، وتصبح الدنيا ربيعًا دائمًا حتى ولو غاب المطر حينًا دون إعلان.
الخير موجود ينتظر الفرصة ليهطل فإن كان على أرضٍ قد حرثت بمعاول العقيدة وسمادها القيم فلا بدّ أن يكون الحصاد طيبًا مباركًا، سيزهر الروض في نيسان وتزدان الحدائق طيبة في كل أوان.
من هنا نحن مجبورون للعمل وتجهيز الأرض وعدم الوقوف جانبًا والأنتظار، العمل واجب، ألا تشاهدون الفلاحين يحرثون ويعزقون الأرض وأحياناً يبذرونها قبل هطول المطر، في الحقيقة كثيرون الذين يرون أن هذا عين الصواب ورأس الحكمة، الأرض أن أحسنَّا تجهزها أعطتنا فوق ما نريد لا تعرف للشح سبيلا.
قد يتاخر المطر ولكن إذا كانت الأرض ظمئة فمن المرجح أنها ستؤتي خيرًا، فحري أن تكون التربة لينة طيبة حتى ترتوي، أرضنا فيها خير كثير وهناك بعض الشوك الذي تصلب حتى ظن البعض أنه شجر، هذه الأشواك هشة للغاية أي ريح في يوم ماطر يكسر الأغصان اليابسة ويحولها مع السيل والمطر إلى لا شيء أو تكاد، أشواكنا عنف، تخريب، قبلية مقيتة، الأنا المغرور، طمع، جشع، فساد كلها اشواك كانت خضراء ولها زهور أعجبت من لا يعرف التفريق بين ورد الجوري وورود الشوك، أصحاب الحقل يعرفون جيدًا أن يميزوا بين هذا وذاك.
وحتى نلتقي، من أراد الجلوس والانتظار فليعلم أنه أنما يفعل بجهل ما يمليه عليه ضميره النائم، أما أصحاب الضمائر الحية فيعلمون أن الأرض تنتظر منا كل الجهد، نعلم، نربي، نعطي أملًا نبذرُ حبًا، ننأى عن كل جاهل ونرجو أن يصبح ربيعنا أجمل.
من هنا وهناك
-
‘ الثّورة والفوضى والرّجل القويّ ‘ - بقلم: المحامي يحيى دهامشة
-
يوسف أبو جعفر من رهط يكتب : لص صغير - أسد كبير
-
المحامي زكي كمال يكتب : سوريا .. خيارات قاتمة حلوُها مرٌّ كالعلقم
-
د. سهيل دياب من الناصرة يكتب : الخيارات الفلسطينية امام الاستراتيجيات الاسرائيلية !
-
‘كلمة بحق المرحوم جبران يعقوب شقور ‘ - بقلم : د . غزال أبو ريا
-
‘سلوكيات الناس‘ - بقلم : د. غزال أبو ريا
-
أحوال الأسيرات الفلسطينيات في كتاب ‘زهرات في قلب الجحيم‘ - بقلم : فراس حج محمد
-
‘ المسرح والتمثيل كاسلوب تعليمي ‘ - بقلم : خيرالله حسن خاسكية
-
بروفيسور أسعد غانم يكتب : رسالة الى الفيلسوف السوري-الفلسطيني د. يوسف سلامة (رحمك الله)
-
وجهة نظر حول مقال د. غزال أبو ريا ‘العطاء قيمة جوهرية في المجتمع‘ - بقلم: صالح أسدي
أرسل خبرا