‘ حتى نلتقي درويش ومطر ‘ - بقلم : يوسف أبو جعفر
ظننت أن العالم تغير، اعتقدت أن البشرية لديها الوعي، وفي لحظات كثيرة أملي في الإنسانية ازداد إلا أني صحوت من غفوتي لأدرك وأرى أن البشر غير البشرية والإنسان غير الإنسانية،
يوسف أبو جعفر - صورة شخصية
أنها ليست مجرد كلمات وليست جناسًا بأنواعه الشتى التي لم أعد أذكر منها شيء، فقد صحوت مع أمطار الشتاء مثلي كغيري يدرك ويتعامى أو يصر على أن لا يرى.
أيقظني درويش بقصيدته فكر بغيرك، نعم أخّرجني من دائرة الراحة إلى أرض الألم والحزن على أولئك الذين يسكنون الخيام مجازًا وفعلًا، لأن برد الشتاء ينخر العظام، يهز قناعاتنا يعيد تفكيرنا في كل المقدمة أين البشر الذي يدعي العدل؟ والإنسان الذي يعرف الإنسانية؟
وأنت تعد فطورك، فكر بغيرك
لا تنسى قوت الحمام
وأنت تخوض حروبك، فكر بغيرك
لا تنسَ مَنْ يطلبون السلام
وأَنتَ تُسدِّذُ فاتورةَ الماء، فكر بغيرك
من يرضعون الغمام
وأنت تعود إلى البيت، بيتك، فكر بغيرك
لا تنسَ شعب الخيام
وأَنت تنام وتُحصي الكواكب، فكِّرْ بغيرك
ثَمَّةَ مَنْ لم يجد حيِّزًا للمنام
وأَنت تحرِّرُ نفسك بالاستعارات، فكر بغيرك
من فقدوا حقهم في الكلام
وأَنت تفكر بالآخرين البعيدين، فكر بنفسك
قل: ليتني شمعة في الظلام
آهٍ يا درويش لقد أشعلت نارك وتركت، وكتبت قصائدك ربما خلف ستائر من حرير في منتجع صيفي وربما كانت بين أناملك سيجارة تنفث دخانها بهدوء بعد أن تحتسي قليلًا من بن الصباح كتبت هذه القصيدة وتركتنا نصارع كلماتك بين المكذب والمصدق ولكن شيئًا واحدًا بقي هنا وما زال شعب الخيام.
ما ضير الشاعر لو عاش في صومعته، لا أحد يطالبه أن يمتشق سيفًا ولا أن يقطف ثمرًا، ولا أن يرد أرضًا، يطالبونه أن يصف للعالم أحلام وآمال الناس، أن يكتب عن الظلم عن الهم عن الانتصارات، وأن لا يعيد تكرير الكلمات.
الشعراء يمزجون الحرية والحزن بقصائد الحب حتى يصعب على القارئ فهم المغزى، أما شعب الخيام فلا مجاز ولا صورة ولا شعر، من لا يعرف, يعرف ومن لا يرى, يرى ومن لا يسمع, يسمع هكذا على الشعراء التغني في زمن غريب والشاهد على ذلك سيد القصيدة المعاصرة أحمد مطر
هل إذا بئس كما
قد عسى لا إنما
من إلى في ربما....
هكذا سلمك الله قل الشعر
لتبقى سالما...!
هكذا لن تشهق الأرض
ولن تهوى السما
هكذا لن تصبح الأوراق أكفانا
ولا الحبر دما....
هكذا وضح معانيك
دواليك...دواليك
لكي يعطي واليك فما...!
وطني يا أيها الأرمد
ترعاك السما
أصبح الوالي هو الكحال
فأبشر بالعمى....
وبين درويش ومطر يبقى الشعر منصة الأغنياء والاشقياء وهمسٌ يأخذك إلى خيام اللاجئين، إلى برد الشتاء، إلى أطفال يتم رضع، إلى شيوخ لحاهم بيضاء كالثلج لكنهم ليسوا سانتا كلاوس، إلى جوعٍ وهم وحزن وفوق ذلك صوت أمل ، أن الغد أفضل وأن الظلم لن يدوم وسيرحل الطغاة والمتكبرون، والخيام قد تكون قدرًا ولكنها ليست كل القدر.
وحتى نلتقي، درويش ومطر كليهما عاشا الشعر والألم أحدهما ما زال قلمه يصف الحلم ويعيش الألم يبكي الحزن يصرخ في وجه الطاغية، يأبى النسيان يدفع ثمن لقمة الجوعان وأنين شعب الخيام يخنق عبراته حتى ينعقد اللسان، أما الأخر فقد غادر عالمًا مرغمًا وبقيت الكلمات تنادي ربما يصحو نائم، ربما تجد طفلة لعبة تهمس في أسمالها أو قل أطمارها كلمات كالتمتمة أن شعب الخيام سيبقى رغم كل الاحزان صامدًا هكذا بقصائد أو دون ذلك فالأمر سيان.
من هنا وهناك
-
‘ الثّورة والفوضى والرّجل القويّ ‘ - بقلم: المحامي يحيى دهامشة
-
يوسف أبو جعفر من رهط يكتب : لص صغير - أسد كبير
-
المحامي زكي كمال يكتب : سوريا .. خيارات قاتمة حلوُها مرٌّ كالعلقم
-
د. سهيل دياب من الناصرة يكتب : الخيارات الفلسطينية امام الاستراتيجيات الاسرائيلية !
-
‘كلمة بحق المرحوم جبران يعقوب شقور ‘ - بقلم : د . غزال أبو ريا
-
‘سلوكيات الناس‘ - بقلم : د. غزال أبو ريا
-
أحوال الأسيرات الفلسطينيات في كتاب ‘زهرات في قلب الجحيم‘ - بقلم : فراس حج محمد
-
‘ المسرح والتمثيل كاسلوب تعليمي ‘ - بقلم : خيرالله حسن خاسكية
-
بروفيسور أسعد غانم يكتب : رسالة الى الفيلسوف السوري-الفلسطيني د. يوسف سلامة (رحمك الله)
-
وجهة نظر حول مقال د. غزال أبو ريا ‘العطاء قيمة جوهرية في المجتمع‘ - بقلم: صالح أسدي
أرسل خبرا