مقال : حتى نلتقي هم ونحن - بقلم : يوسف أبو جعفر ( ابو الطيب)
يؤلمني جدًا أن تتغير المعايير فقط لأن الأقوى هو الذي يكتبها، ولأن الأغلبية تريدها فرغبة الأقوى ليست بالضرورة تستحق التغيير، واتكلم هنا عن المعايير الإنسانية في الدرجة الأولى.
يوسف أبو جعفر
رغم محاولات العالم وضع نظم وقوانين كثيرة خصوصاً في الأمم المتحدة إلا أنها تقع طائلة التعريفات وليس للأمم المتحدة أي قوة لفرض هذه النظم إلا إذا التقت مع رغبة أحد الكبار الخمسة، وإذا أراد أحدهم صرف النظر أو خرق التعريف فلا خجل وسيجد القانونيون في العالم التعريفات الكثيرة لذلك.
فجوعنا غير جوعهم، وأطفالنا لا يشبهون أطفالهم، وبيوتنا غير بيوتهم، وكل شيء يختلف، لا أحد يرى الإفريقي والعربي السوري كالأوكرانيين، لا أحد ينظر إلى بيوت حلب كبيوت كييف أو أوديسا، نحن نتبع لنفس الإنسانية إلا أن أحدهم قرر أن العالم فيه السيد والمسوود، فيه القادر وفيه القوي وفيه الضعيف الذي لا يقوى على سد رمقه.
يحق للسيد اغتصاب الأرض وكنوزها واستعباد رجالها، هذا ما يحدث في أقطار كثيرة من العالم تحت حجة مساعدة المحليين، ثم يدعي أحدهم أن هذا قمة الإنسانية، كما قال كنفاني رحمه الله يسرقون خبزك ثم يعطونك منه كسرة ثم يأمرونك أن تشكرهم على كرمهم يا لوقاحتهم.
مقاييس الإنسانية واحدة لا تتغيير ولذلك الذي يتغير هو مصالح البشر ومقدراتهم وهم في هذا محكومون لشهواتهم وظلمهم وطمعهم على المستوى الفردي وعلى المستوى الجماعي والدول كلها دواليك تحت نفس المنظومة.
الغريب أن منظومة الظلم واحدة ولكن اللاعبين يتجددون حسب الحاجة، فحينًا يسارع اللاعب لتضميد جراح أحدهم ينقل المستشفيات لإنقاذ من تحت الردم إثر هزة أرضية هنا أو هناك وحينًا يصبح هو من يهدم البيوت فوق رؤوس الأطفال والنساء ويهدم المستشفيات، حينًا ينادي بالعدل والإنصاف وتقديم المجرمين للمحاكمات وفي لحظة يعلن أن هذه المحمة دون سلطة ولن يستجيب لأوامرها ففي نظره هو أعلى من هذه المؤسسات.
لطفًا قد يكون حديثي خارج المألوف إلا أنه هوالواقع المر الذي نعيشه، هو الحزن والألم والقهر في كل ساعة ويوم عندما تنظر حولك، على مر مئة عام ونيف والعالم هنا في الشرق يعيش الموت، يستنشق الظلم يلتحف السماء ويفترش الأرض يخاف المطر لعريه ويكره الشمس لحرارتها التي تكوي جسده وما زال ينعم بخيراته أما هو فمحروم من شروط الإنسانية أو حتى بالقرب منها.
وكما ذكرنا كل المواثيق والعهود الدولية والمحلية تمحى دون استئذان وويل لمن يحاول ذكرها في معرض حديث ديني أو سياسي، إنما عندها تدعو للثورة أو لقلب الحكم وربما أنت ثائر متخفٍ بثوب راهب أو حتى مجاهد وربما عند البعض قاطع طرق، مخربٍ، ساعٍ للعدو وخائن للوطن وربما يضيف البعض خائن لله.
هكذا نعيش بين الحروف والنقاط، وهم يكتبون المقادير ولا يرعون فينا أحدٍ ولا يبقون حتى شعرة معاوية، عندما تهدم بيوتنا فذلك شيء طبيعي وعندما نصرخ يكفي ظلمًا إنما نقترب من لطمة السجان. لا أريد أن أضع مقاييس ومعايير ثقافة الشرق وأكرر التاريخ من البداية ولكني استكفي بتذكيركم بكل ما كان من صفحات بيضاء في تاريخ المشرق المُشرق.
وحتى نلتقي، هي دعوة للتأمل في قضايا العصر، في الكيل بعشرة مكايل، في الوقوف مصذومًا أمام غلظة القلب وكثرة الظلم، هم لا يريدون لنا مجدًا، أما نحن فنعلم أن مجدنا قادم، تبًا لهم إن لم يدركوا أن أقدارنا مرهونة بأيدينا لا بمعاييرهم ، نحن ولدنا لنحيا وسوف نحيا رغم المستحيل.
من هنا وهناك
-
‘حتى نلتقي- مرايا ‘ - بقلم : يوسف أبو جعفر
-
مقال: ‘حتى نلتقي - كادوك ‘ - بقلم : يوسف أبو جعفر
-
د. سمير صبحي رئيس بلدية أم الفحم يكتب : معًا لحماية مستقبل مدينتنا
-
المحامي زكي كمال يكتب : هل القيادة تشريف أم تكليف؟
-
مقال: ‘فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهملِ‘ - بقلم : الشيخ د. عبد الله ادريس
-
مقال: ماذا وراء تسريب التسجيل الصوتي للرئيس عبد الناصر في هذا الوقت ومن المستفيد؟ بقلم : زياد شليوط
-
مقال : ‘ حتى نلتقي صبري ‘ - بقلم : يوسف أبو جعفر
-
متى سينتخب البابا الجديد؟ بقلم : وديع أبو نصار
-
مقال: نحن في المرحلة الاخطر منذ بدء الحرب ..لماذا ؟ بقلم : د. سهيل دياب - الناصرة
-
هل سيبقى النزاع الفلسطينيّ الإسرائيليّ قائمًا إلى يوم الدين؟ بقلم : المحامي زكي كمال
أرسل خبرا